مدخل:
تهدف الخدمات النفسيّة والاجتماعيّة في مختلف المجتمعات إلى تقديم الخدمات الفرديّة والجمعيّة، من واقع تطبيق المبادئ والقوانين
الإنسانيّة والنفسيّة والاجتماعيّة، في العديد من مجالات الحياة المعاصرة.
هذه الخدمات تقوم على معاونة الفرد، وخدمته في البناء الاجتماعيّ الأول... الذي يعيش فيه والمتمثل في الأسرة، والمؤسسات
الاجتماعيّة الأخرى التي تؤثر في سلوكه، وتلك التي تعمل على استمراريّة سويّة سلوكه والمتمثلة في المسجد، والمدرسة والمجتمع، أو في أي مجال آخر.
وهذه الخدمات... إمّا أن تكون إرشاداً وتوجيهاً نفسياً، يهدف إلى تعريف الشباب بذواتهم، وتقبلهم لها، وتمكينهم من مواجهة التيارات
العصريّة الجارفة، وتوافقهم وتقبلهم للحياة مع الآخرين، من حولهم ومع بيئتهم. أو قد تكون الخدمات ممثلة في التوجيه التربوي، الذي يهدف إلى تحقيق تكيف الطلاب في مختلف مراحل التعليم، وتوافقهم في حياتهم الدراسيّة، أو تكون الخدمات ممثلة في التوجه المهنيّ، بقصد التوافق في العمل، ورفع الكفاءة الإنتاجيّة في مجالات العمل، أو تكون لرعاية الأحداث أو المضطربين سلوكياً في مجتمعاتهم، بقصد إعادة توافقهم النفسيّ، وتكيفهم الاجتماعيّ في المجتمع الذي يعيشون فيه.
وأياً كان الهدف، فإنّ الخدمات النفسيّة والاجتماعيّة من أهدافها البناءة - في المرتبة الأولى - المحافظة على توافق الفرد والجماعة،
واستمرار المجتمع سلمياً متماسكاً نامياً.
ولا تقتصر أهداف هذه الخدمات، على خدمة الفرد وحده بل إنّها من خلال تركيزها على الفرد تتجه إلى الجماعات، وإلى المجتمع بأكمله. وهي في ذات الوقت - حينما تركز على الفرد - إنّما تبحث عن الحفاظ على كيانه وذاته، وبنيته المتكاملة لبناء الشخصيّة، وإضافة إلى قيامها بتهيئة الظروف التي تؤدي إلى نموه ونضجه، وتوافقه في مجالات الحياة المختلفة: الأسرة... المدرسة... العمل... الحياة الزوجية... العلاقات الاجتماعيّة المتصلة.
هذا بالإضافة إلى أنّ هذه الخدمات، تتيح فرص النمو المتكامل في مجالات الحياة المختلفة، كما تتيح فرص تهيئة المناخ والبيئة المناسبة
التي تؤدي إلى اكتساب أساليب سلوكيّة من شأنها تحقيق الأمن النفسي عند الفرد، والشعور بالانتماء إلى المجتمع الذي يعيش فيه، وتحقيق الرضا والسعادة، وفي ذات الوقت تتجه إلى الجماعات، من أجل تماسكها، وإزالة أسباب الصراع والتوتر القائم.
غاية التوجيه والإرشاد:
نعيش في عالمنا المعاصر... عصر القلق، حيث يمتلئ المجتمع المعاصر بالصراعات، والتحديات، والمطامح، ومشكلات المدنيّة، والكثير من الأفراد في المجتمع المعاصر يعانون القلق والتوتر والمشكلات التي تحتاج إلى خدمات الإرشاد العلاجيّ.
وهناك الغايات والأهداف الخاصة بالتوجيه والإرشاد النفسي - بصفة خاصة - والتي تتحد في:
1- تحقيق الذات: حيث يعمل التوجيه والإرشاد مع الفرد، لتحقيق الذات، وفق حالته، سواء كان عادياً، أو متفوقاً، أو ضعيف
العقل، أو متأخراً دراسياً، أو متفوقاً، أو ناجحاً، ومساعدته في تحقيق ذاتهإلى المدى الذي يستطيع فيه أن يعرف قدر نفسه. ومن طبيعة السلوك الإنسانيّ أنّ الفرد لديه دافع أساسيّ يوجه سلوكه، وهو ما يعرف بدافع تحقيق الذات. ونتيجة لوجود هذا الدافع، فإن الفرد لديه استعداد دائم لتنمية فهم ذاته، ومعرفة وفهم استعداداته وطاقاته، بمعنى آخر تقييم نفسه وتقويمها، وتوجيه ذاته، وتنمية البصيرة حول الذات.
لذلك فإنّ الإرشاد النفسي، يعمل أيضاً إلى مفهوم موجب للذات، وهو ما يعرف بمفهوم الذات الواقعي والمثاليّ، والذي يعتبر المحدد الرئيسي للسلوك الإنسانيّ. كما أنّ هناك هدفاً بعيد المدى للتوجيه والإرشاد، وهو توجيه الذات أي تحقيق قدرة الفرد على توجيه حياته بنفسه، بذكاء وبصيرة وكفاية، في حدود التنظيمات الاجتماعيّة، والمعايير التي تحدد السلوك، وتحقيق الأهداف الواقعيّة من الحياة، ويتم ذلك عن طريق تهيئة فرص النمو السليم، وتحقيق الأهداف الواقعيّة من الحياة، ويتم ذلك عن طريق تهيئة النموالسليم، الذي يتضمن التحسن والتقدم في السلوك الإنسانيّ، وليس مجرد التغيير؛ لأنّ ليس كل تغيير يمثل تحسناً.
2- تحقيق التوافق البيئي: حيث إنّ من أهم أهداف التوجيه والإرشاد، تحقيق التوافق والتكيف مع البيئة الاجتماعيّة، أي تناول السلوك والبيئة الطبيعيّة والاجتماعيّة بالتغيير والتعديل، حتى يحدث توازن بين الفرد وبيئته، وبما يضمن إشباع حاجات الفرد دون تعارض مع متطلباتالبيئة.
والتوافق الذي نعنيه، هو التوافق النفسي، الذي يحقق التوافق المتوازن في كافة مجالاته، من حيث إنّ أهم مجالات تحقيق التوافق ما يلي:
(أ) تحقيق التوافق الشخصي: أي تحقيق السعادة مع النفس، والرضاعنها، وإشباع الدوافع والحاجات الداخليّة الأوليّة؛ الفطريّة، والعضويّة، والفسيولوجيّة، والثانويّة المكتسبة، حتى يقل الصراع، كما يتضمن كذلك التوافق لمطالب النمو في مرحلة المتابعة.
(ب) تحقيق التوافق التربويّ: وذلك عن طريق مساعدة الفرد في اختيار أنسب المواد الدراسيّة، والمناهج، في ضوء قدرات وميول المتعلم وذلك بأقصى جهد ممكن، بما يحقق النجاح الدراسيّ.
(ج) تحقيق التوافق المهني: ويتضمن الاختيار المناسب للمهنة، والاستعداد علمياً وتدريبياً لها، والدخول فيها، والإنجاز والكفاءة،
والشعور بالرضا والنجاح، أي وضع الفرد المناسب في المكان المناسب، بالنسبة له وبالنسبة للمجتمع.
(د) تحقيق التوافق الاجتماعيّ: ويتضمن العادة مع الآخرين، والالتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة المعايير الاجتماعيّة، والالتزام
بقواعد الضبط الاجتماعيّ، وتقبل التغير الاجتماعيّ والتفاعل الاجتماعي السليم، والعمل لخير الجماعة، وتعديل القيم، مما يؤدي إلى تحقيق التوافق الاجتماعي، وما يحقق الصحة الاجتماعيّة.هذا، ويتضمن التوافق الاجتماعيّ، التوافق الأسري، والتوافق الزوجي.
(هـ) - تحقيق التوافق الاجتماعي، تعرف الصحة النفسية، بأنها الحالة الدائمة... نسبياً.. التي يكون فيها الفرد موافقاً نفسياً، حيث يشعر
بالسعادة مع نفسه، ومع الآخرين، وحيث يكون قادراً على تحقيق ذاته، واستغلال قدراته وإمكاناته، إلى الآخرين، وحيث يكون قادراً على تحقيق ذاته،واستغلال قدراته وإمكاناته، إلى أقصى الطاقات، ويكون قادراً على مواجهة مطالب الحياة، وتكون شخصية متكاملة سوية، ويكون سلوكه عادياً، بحيث يعيش فيأمن وسلام.لذلك فالهدف العام الشامل للتوجيه والإرشاد النفسي، هو تحقيق النفسية، وسعادة وهناء الفرد.
ونود أن نشير إلى الصحة النفسية، والتوافق النفسي، ليسا مترادفين.. فالفرد قد يكون متوافقاً مع بعض المواقف، ولكنه ليس بالضرورة قد
يكون متمتعاً بالصحة النفسية، لأنه قد يساير البيئة التي يعيش فيها ظاهرياً، ولكنه يرفضها داخلياً.
ويرتبط بتحقيق الصحة النفسية، مساعدة الفرد في مشكلاته بنفسه،وحيث يتضمن ذلك: التعرف على أسباب المشكلات، وأعراضها، وإزالة الأسباب، وإزالة الأعراض.
3- تحسين العملية التربوية: تمثل المدرسة، بكافة مراحلها، أكبر المؤسسات التي يعمل فيها التوجيه والإرشاد، حيث إنه من
أكبر مجالات التوجيه والإرشاد... مجال التربية.وتحتاج العملية التربوية إلى تحسين قائم على تحقيق جو نفسي صحي، له مكونات منها احترام التلميذ كفرد في حد ذاته، وكعضو في جماعة الفصلوالمدرسة والمجتمع، وتحقيق الحرية والأمن والارتياح، بما يتيح فرصة نحو
شخصية التلاميذ من كافة جوانبها، ويحقق تسهيل عملية التعليم.
تهدف الخدمات النفسيّة والاجتماعيّة في مختلف المجتمعات إلى تقديم الخدمات الفرديّة والجمعيّة، من واقع تطبيق المبادئ والقوانين
الإنسانيّة والنفسيّة والاجتماعيّة، في العديد من مجالات الحياة المعاصرة.
هذه الخدمات تقوم على معاونة الفرد، وخدمته في البناء الاجتماعيّ الأول... الذي يعيش فيه والمتمثل في الأسرة، والمؤسسات
الاجتماعيّة الأخرى التي تؤثر في سلوكه، وتلك التي تعمل على استمراريّة سويّة سلوكه والمتمثلة في المسجد، والمدرسة والمجتمع، أو في أي مجال آخر.
وهذه الخدمات... إمّا أن تكون إرشاداً وتوجيهاً نفسياً، يهدف إلى تعريف الشباب بذواتهم، وتقبلهم لها، وتمكينهم من مواجهة التيارات
العصريّة الجارفة، وتوافقهم وتقبلهم للحياة مع الآخرين، من حولهم ومع بيئتهم. أو قد تكون الخدمات ممثلة في التوجيه التربوي، الذي يهدف إلى تحقيق تكيف الطلاب في مختلف مراحل التعليم، وتوافقهم في حياتهم الدراسيّة، أو تكون الخدمات ممثلة في التوجه المهنيّ، بقصد التوافق في العمل، ورفع الكفاءة الإنتاجيّة في مجالات العمل، أو تكون لرعاية الأحداث أو المضطربين سلوكياً في مجتمعاتهم، بقصد إعادة توافقهم النفسيّ، وتكيفهم الاجتماعيّ في المجتمع الذي يعيشون فيه.
وأياً كان الهدف، فإنّ الخدمات النفسيّة والاجتماعيّة من أهدافها البناءة - في المرتبة الأولى - المحافظة على توافق الفرد والجماعة،
واستمرار المجتمع سلمياً متماسكاً نامياً.
ولا تقتصر أهداف هذه الخدمات، على خدمة الفرد وحده بل إنّها من خلال تركيزها على الفرد تتجه إلى الجماعات، وإلى المجتمع بأكمله. وهي في ذات الوقت - حينما تركز على الفرد - إنّما تبحث عن الحفاظ على كيانه وذاته، وبنيته المتكاملة لبناء الشخصيّة، وإضافة إلى قيامها بتهيئة الظروف التي تؤدي إلى نموه ونضجه، وتوافقه في مجالات الحياة المختلفة: الأسرة... المدرسة... العمل... الحياة الزوجية... العلاقات الاجتماعيّة المتصلة.
هذا بالإضافة إلى أنّ هذه الخدمات، تتيح فرص النمو المتكامل في مجالات الحياة المختلفة، كما تتيح فرص تهيئة المناخ والبيئة المناسبة
التي تؤدي إلى اكتساب أساليب سلوكيّة من شأنها تحقيق الأمن النفسي عند الفرد، والشعور بالانتماء إلى المجتمع الذي يعيش فيه، وتحقيق الرضا والسعادة، وفي ذات الوقت تتجه إلى الجماعات، من أجل تماسكها، وإزالة أسباب الصراع والتوتر القائم.
غاية التوجيه والإرشاد:
نعيش في عالمنا المعاصر... عصر القلق، حيث يمتلئ المجتمع المعاصر بالصراعات، والتحديات، والمطامح، ومشكلات المدنيّة، والكثير من الأفراد في المجتمع المعاصر يعانون القلق والتوتر والمشكلات التي تحتاج إلى خدمات الإرشاد العلاجيّ.
وهناك الغايات والأهداف الخاصة بالتوجيه والإرشاد النفسي - بصفة خاصة - والتي تتحد في:
1- تحقيق الذات: حيث يعمل التوجيه والإرشاد مع الفرد، لتحقيق الذات، وفق حالته، سواء كان عادياً، أو متفوقاً، أو ضعيف
العقل، أو متأخراً دراسياً، أو متفوقاً، أو ناجحاً، ومساعدته في تحقيق ذاتهإلى المدى الذي يستطيع فيه أن يعرف قدر نفسه. ومن طبيعة السلوك الإنسانيّ أنّ الفرد لديه دافع أساسيّ يوجه سلوكه، وهو ما يعرف بدافع تحقيق الذات. ونتيجة لوجود هذا الدافع، فإن الفرد لديه استعداد دائم لتنمية فهم ذاته، ومعرفة وفهم استعداداته وطاقاته، بمعنى آخر تقييم نفسه وتقويمها، وتوجيه ذاته، وتنمية البصيرة حول الذات.
لذلك فإنّ الإرشاد النفسي، يعمل أيضاً إلى مفهوم موجب للذات، وهو ما يعرف بمفهوم الذات الواقعي والمثاليّ، والذي يعتبر المحدد الرئيسي للسلوك الإنسانيّ. كما أنّ هناك هدفاً بعيد المدى للتوجيه والإرشاد، وهو توجيه الذات أي تحقيق قدرة الفرد على توجيه حياته بنفسه، بذكاء وبصيرة وكفاية، في حدود التنظيمات الاجتماعيّة، والمعايير التي تحدد السلوك، وتحقيق الأهداف الواقعيّة من الحياة، ويتم ذلك عن طريق تهيئة فرص النمو السليم، وتحقيق الأهداف الواقعيّة من الحياة، ويتم ذلك عن طريق تهيئة النموالسليم، الذي يتضمن التحسن والتقدم في السلوك الإنسانيّ، وليس مجرد التغيير؛ لأنّ ليس كل تغيير يمثل تحسناً.
2- تحقيق التوافق البيئي: حيث إنّ من أهم أهداف التوجيه والإرشاد، تحقيق التوافق والتكيف مع البيئة الاجتماعيّة، أي تناول السلوك والبيئة الطبيعيّة والاجتماعيّة بالتغيير والتعديل، حتى يحدث توازن بين الفرد وبيئته، وبما يضمن إشباع حاجات الفرد دون تعارض مع متطلباتالبيئة.
والتوافق الذي نعنيه، هو التوافق النفسي، الذي يحقق التوافق المتوازن في كافة مجالاته، من حيث إنّ أهم مجالات تحقيق التوافق ما يلي:
(أ) تحقيق التوافق الشخصي: أي تحقيق السعادة مع النفس، والرضاعنها، وإشباع الدوافع والحاجات الداخليّة الأوليّة؛ الفطريّة، والعضويّة، والفسيولوجيّة، والثانويّة المكتسبة، حتى يقل الصراع، كما يتضمن كذلك التوافق لمطالب النمو في مرحلة المتابعة.
(ب) تحقيق التوافق التربويّ: وذلك عن طريق مساعدة الفرد في اختيار أنسب المواد الدراسيّة، والمناهج، في ضوء قدرات وميول المتعلم وذلك بأقصى جهد ممكن، بما يحقق النجاح الدراسيّ.
(ج) تحقيق التوافق المهني: ويتضمن الاختيار المناسب للمهنة، والاستعداد علمياً وتدريبياً لها، والدخول فيها، والإنجاز والكفاءة،
والشعور بالرضا والنجاح، أي وضع الفرد المناسب في المكان المناسب، بالنسبة له وبالنسبة للمجتمع.
(د) تحقيق التوافق الاجتماعيّ: ويتضمن العادة مع الآخرين، والالتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة المعايير الاجتماعيّة، والالتزام
بقواعد الضبط الاجتماعيّ، وتقبل التغير الاجتماعيّ والتفاعل الاجتماعي السليم، والعمل لخير الجماعة، وتعديل القيم، مما يؤدي إلى تحقيق التوافق الاجتماعي، وما يحقق الصحة الاجتماعيّة.هذا، ويتضمن التوافق الاجتماعيّ، التوافق الأسري، والتوافق الزوجي.
(هـ) - تحقيق التوافق الاجتماعي، تعرف الصحة النفسية، بأنها الحالة الدائمة... نسبياً.. التي يكون فيها الفرد موافقاً نفسياً، حيث يشعر
بالسعادة مع نفسه، ومع الآخرين، وحيث يكون قادراً على تحقيق ذاته، واستغلال قدراته وإمكاناته، إلى الآخرين، وحيث يكون قادراً على تحقيق ذاته،واستغلال قدراته وإمكاناته، إلى أقصى الطاقات، ويكون قادراً على مواجهة مطالب الحياة، وتكون شخصية متكاملة سوية، ويكون سلوكه عادياً، بحيث يعيش فيأمن وسلام.لذلك فالهدف العام الشامل للتوجيه والإرشاد النفسي، هو تحقيق النفسية، وسعادة وهناء الفرد.
ونود أن نشير إلى الصحة النفسية، والتوافق النفسي، ليسا مترادفين.. فالفرد قد يكون متوافقاً مع بعض المواقف، ولكنه ليس بالضرورة قد
يكون متمتعاً بالصحة النفسية، لأنه قد يساير البيئة التي يعيش فيها ظاهرياً، ولكنه يرفضها داخلياً.
ويرتبط بتحقيق الصحة النفسية، مساعدة الفرد في مشكلاته بنفسه،وحيث يتضمن ذلك: التعرف على أسباب المشكلات، وأعراضها، وإزالة الأسباب، وإزالة الأعراض.
3- تحسين العملية التربوية: تمثل المدرسة، بكافة مراحلها، أكبر المؤسسات التي يعمل فيها التوجيه والإرشاد، حيث إنه من
أكبر مجالات التوجيه والإرشاد... مجال التربية.وتحتاج العملية التربوية إلى تحسين قائم على تحقيق جو نفسي صحي، له مكونات منها احترام التلميذ كفرد في حد ذاته، وكعضو في جماعة الفصلوالمدرسة والمجتمع، وتحقيق الحرية والأمن والارتياح، بما يتيح فرصة نحو
شخصية التلاميذ من كافة جوانبها، ويحقق تسهيل عملية التعليم.
ولتحسين العملية التربوية.. يوجه الاهتمام إلى ما يلي:
(أ) إثارة الدافعية وتحفيز التلاميذ وتشجيعهم إلى التحصيل، واستخدام الثواب، وتعزيز السلوك المتوافق، وجعل الخبرة التربوية التي
يعيشها التلميذ كما ينبغي أن تكون من حيث الفائدة المرجوة.(ب) الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية بين التلاميذ، وأهميةالتعرف على المتفوقين ومساعدتهم على تزكية قدراتهم، وعلى النمو التربوي المتكامل وفق ما لديهم من استعدادات وقدرات.
(ج) منح التلاميذ فرص الكم والكيف، من المعارف العلمية، والمهنية، والاجتماعية التي تفيدهم في معرفة ذواتهم، وفي تحقيق التوافق
النفسي، والصحة النفسية، وتوضح المشكلات التعليمية التي تواجههم، وكيفية الوصول إلى حلول عملية لها.
(د) توجيه التلاميذ إلى طريقة المذكرة والتحصيل السليم، بأفضل الطرق الممكنة كي يحققوا أكبر قدر ممكن من النجاح.
أسس ومبادئ التوجيه والإرشاد:
هناك العديد من الأسس والمبادئ التي يجب أن يدركها القائمون بعملية التوجيه، حيث إن هناك جوانب موضوعية ونفسية واجتماعية وفنية وأخلاقية للقائمين بخدمات التوجيه والإرشاد النفسي.
وفيما يلي الأسس المشار إليها:
1 - الأسس الموضوعية:
تتضمن الأسس الموضوعية للتوجيه والإرشاد... ما يأتي:
(أ) يستند التوجيه من الناحية الموضوعية على منح الحرية والاختيار أمام الفرد، كي يستفيد من المعلومات التي تقدم له، ويختار من بين
الفرص العديد، ومن ثم يمكنه أن يتخذ قراراته التي تتصل بحياته ومستقبله ومعنى ذلك أن التوجيه لا يمنح للفرد، وإنما ينمو ذاتياً لديه. فهو يبدأ من الفرد، وللفرد، وبالفرد. وهو ينظر إلى الفرد عند ارتباطه بالمجتمع، أي إن الفرد يجب أن يشبع حاجاته، ويحقق رغباته في حدود ما ينظمه المجتمع من نظم قائمة على العقيدة والضبط والروابط الاجتماعية والثقافية، التي تنظمها الحياة الاجتماعية في المجتمع.
(ب) من حيث إن الهدف من التوجيه والإرشاد هو أن يحقق الفرد ذاته، في مختلف المجالات، فأن يدعو إلى تأكيد أن عملية التوجيه ليست إكراهاً أو أمراً، حيث إنه إذا كانت أياً من هذه العمليات، فإنها ستفقد جدواهالذلك يجب احترام ذات الفرد الذي يقدم له "الموجه" المساعدة، حتى يساعده على أن يتفهم حقيقة ذاته، ويتحقق من استعداداته ويكتشف مواهبه، هذا بالإضافة إلى أن العمل على تقدير حق الفرد في تحديد أهدافه، ووضع الخططالتي تحقق ذلك، يمنح الفرد الثقة بنفسه.
(ج) في سلوك الإنسان من يوضح حاجته إلى مساعدة ومعاونة الآخرين أحياناً - لحل المشكلات أو التحديات التي تواجهه في حياته. والفرد في المجتمع المتماسك، يحتاج إلى المساعدة عندما يعترضه موقف لا يستطيع أن يواجهه بنجاح، كما أن هذا الفرد يشعر بحاجته إلى المساعدة، حتى تؤتي نتائجها الطيبة. كما أنه يثق في فعالية التوجيه، ويقتنع بما يقدم إليه من مساعدة، عندما يتغلب على مشكلاته.
2 - الأسس النفسية:
تعتمد عمليات التوجيه والإرشاد على مجموعة من الأسس النفسية القائمة على دراسة الطبيعة والنفس الإنسانية، وتتضمن هذه الأسس ما يأتي.
(أ) رغم وجود تشابه في خصائص وسمات بين مختلف البشر في بعض المظاهر، إلا أن هناك الفروق الفردية، كما أن هناك التباين من حيث القوة الجسمية، والصحة العامة؛ ولذلك يلزم أن يؤخذ ذلك في الاعتبار عند تقديم الخدمات الخاصة بالتوجيه والإرشاد لمختلف الأفراد.
(ب) من طبيعة النفس الإنسانية أيضاً... أنه يوجد داخل الفرد ذاته ألوان شتى من الاختلاف والتباين في الخصائص والسمات الجسمية والعقلية والنفسية باعتبارها خصائص غير ثابتة. وهذه الخصائص والسمات لا تسير في نموها بخطى متشابهة أو متوازية. فكثيراً ما تسرع بعض الخصائص عن غيرها في معدل النمو، الفرد متغير عند انتقاله من مرحلة نمو إلى مرحلة نمو أخرى، أي في مدرج العمر المتعاقبة.
(ج) من خصائص النمو الإنساني... أن جوانب الشخصية المختلفة، يؤثر بعضها على البعض الآخر؛ ولذلك لا بد من مراعاة نمو الشخصية الإنسانية نمواً متكاملاً، تؤثر أبعادها المختلفة في سلوك الفرد، سواء أكان ظاهراً أمكامناً.
(د) تنشأ لدى الفرد في كل مرحلة من مراحل نموه العضوي والنفسيالكثير من الحاجات التي تتطلب الإشباع، ولا بد أن يراعي في إشباعها مستوى نضج الفرد، والأصول العقائدية والثقافية التي نشأ فيها، وفي حدود القيم الدينية والاجتماعية، والاتجاهات السائدة في المجتمع.
(هـ) عملية التوجيه والإرشاد تعتبر عملية تعلم... لأن الفرد يكتسب خلالها اتجاهات وعادات وقيم ومظاهر سلوكية جديدة، ويغير من وجهة نظرهنحو نفسه ونحو الآخرين من حوله، ونحو المبادئ والأشياء التي يحتويها المجتمع والبيئة الاجتماعية التي يعيش بينها. بل إن الفرد يتعلم ويكتسب عادات سلوكية لمعالجة ما يواجهه من مشكلات، ويكتسب معلومات ومعارف تمكنه منالتغلب على العوائق التي تواجهه. هذا بالإضافة إلى أنها تزود الفرد بفرص الاختيار، وتحديد الأهداف ووضع الخطط، وتتهيأ له الظروف لتطبيق ما يتعلمه،
ويقوم بتعميمه في كثير من المواقف الجديدة.
3 - الأسس التربوية والاجتماعية:
تعتمد عمليات التوجيه والإرشاد على مجموعة من الأسس التربوية والاجتماعية تتضمن ما يلي:
(أ) يهتم التعليم بإكساب التلاميذ المعلومات والمعارف الأساسية في مراحل التعليم المختلفة. بينما يقوم التوجيه والإرشاد على الاهتمام بإشباع حاجات التلاميذ التي تنشأ في المجالات المختلفة للحياة، وفي أبعاد النمو المختلفة. ورغم اختلاف أهداف التعليم عن أهداف التوجيه والإرشاد إلا أن العمليتين تكمل كل منهما الأخرى، حيث تساعد عملية التوجيه على جعل التعليم أكثر فاعلية، حيث إنها توضح المنهج وطرق التدريس إلى العملعلى تحقيق التوافق الفردي والاجتماعي لأفراد المجتمع المدرسي.
(ب) تنفيذ خدمات التوجيه من مسؤولية الأخصائيين المؤهلين المدربين والذين يتم تأهيلهم وإعدادهم للقيام بهذه الخدمات، وهناك مسؤولياتجميع المتصلين بالتلميذ في الأسرة والمدرسة والمجتمع في تقديم التسهيلات التي تجعل برنامج التوجيه أكثر فاعلية وفائدة. وهذا بدوره يتطلب تعاون الموجه مع المشرف الاجتماعي والطبيب والمدرسين، بالإضافة إلى التعاون مع الهيئات المتصلة بالمدرسة كرعاية الشباب، والصحة المدرسية، والعيادات النفسية.
(ج) من الأهمية بمكان، الاهتمام بالتلميذ في مدرسته، وبالشبابفي المجتمع كأعضاء في جماعة. فبجانب الاهتمام بالفرد، نجد أن خدمات
التوجيه تهتم بالفرد، باعتباره يعيش في جماعات مختلفة، كالأسرة والجيران والأصدقاء والمجتمع المحلي، والمجتمع الأكبر للدولة التي يعيش فيها، والمجتمع العربي، والمجتمع الإسلامي والمجتمع العالمي.لذلك لا بد من تخطيط ما يعرف بخدمات التوجيه الجمعي، حيث يعرفالفرد دوره، ومكانته في الجماعات والمؤسسات التي ينتمي إليها. وتعتبر عملية التفاعل بين الفرد والمجتمع من المحاور الرئيسية لعملية التوجيه والإرشاد.
(د) عملية التوجيه والإرشاد عملية تضامنية، بمعنى أنه لا بد من مشاركة الآباء والمعلمين وعلماء الدين، وقادة المجتمع المحلي في عملية التوجيه، بحيث تؤدي هذه المشاركة إلى التناسق والتعاون بين الآباء والمعلمين، باعتبار أن المدارس تعد من المؤسسات التربوية المسؤولة عن تربيةوتنشئة التلاميذ والشباب بطرق غير مباشرة.
أخلاقيات عملية التوجيه والإرشاد:
يعتبر الجانب الأخلاقي أساس العمل الفني للقائمين بعملية التوجيه والإرشاد الطلابي والشبابي؛ ولذلك فإنه في تعامل الموجهين والمرشدين مع الطلاب والشباب، أي مع العملاء الذين توجه إليهم سبل التوجيه والإرشاد... يلزم مراعاة الجوانب التالية:
1 - يجب أن يقوم الموجه ببحث حالة الفرد ومشكلاته من زوايا مختلفة، وأن يستخدم كل ما لديه من وسائل فنية وإمكاناته لمساعدته على حلها.وعلى المسلمين كافة تطبيق ما يقر في صدورهم، وما يلزم به شرع الله وسنة نبيه المباركة، تطبيق ذلك عملياً في كل أدوار حياتهم، وحيث يكون ذلك صادراً عن إيمان ويقين وإخلاص ومتابعة حريصة على الالتزام بشرع الله وسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم.
ودعوة الإسلام وتوجيهه لأبنائه كافة، تؤكد أنه لا يكون شأن الناس الكلام فقط، فإن الكلام إذا لم يصدقه العمل، فإن عائده فيه خسران
وباطل. والله تعالى يقول:
"يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون (3)"(الصف).
إن مسؤولية أولي الأمر من الأدباء والمعلمين والدعاة ورجال الأمن والعاملين في المؤسسات الاجتماعية وغيرها، ليست يسيرة في مجتمعنا المعاصر، وعليهم أن يتأملوا في الشباب المسلم في وقتنا الحاضر، وما ينتاب مشاعرهم وعقولهم من أحاسيس وأفكار وأعمال، حتى يمكن تنمية الصالح منها، وإصلاح ما كان فاسداً منها، فإن شباب اليوم هم رجال الغد، وهم الأساس المتين أو الضعيف الذي يبنى عليه مستقبل الأمة.
لذلك فإن النصوص الشرعية التي وردت في كتاب الله العزيز، وفي السنة المباركة، توجه أولي الأمر وتحثهم على حسن رعايتهم وتوجيههم للشباب إلى ما فيه الخير والصلاح؛ ذلك لأنه إذا صح حال الشباب، وهم القاعدة الفعالة في الأمة، والتي ينبني عليها مستقبلها، وكان الصلاح قائماً على دعائم قوية من الدين والأخلاق، فإن المستقبل يكون زاخراً بالخير والنفع، ويخلف أولي الأمر أبناء بررة صالحين.
إن الإسلام في توجيهه وإرشاده لأبنائه من الشباب أو غيرهم،
يعمل على التوجيه لما فيه النفع، ويؤكد ذلك بما يبصر به الفرد من الطرق
المستقيمة التي من ورائها الخير له ولمجتمعه، كما يوضح المشكلات والعقبات
والتحديات التي تواجهه عندما يضطرب سلوكه، أو ما يعرقل مسيرته الجادة في
الحياة، ليكون على بصيرة بهذه المشكلات، ويدرك أبعادها ويتعاون في معالجتها
وحلها مع أفراد مجتمعه.
وتوجيه الإسلام للإنسان فيه تكريم للإنسان، فهو توجيه من لدن
عزيز حكيم، توجيهاً سامياً لا غلو ولا غموض فيه، وليس فيه تكليف أكبر من
طاقات الإنسان.
والتوجيه في الإسلام يوجه الفرد إلى إشباع شهواته ورغباته بما
أحل الله، وبما يحقق الأمن النفسي للفرد، وفي هذا ما يحقق الأهداف المرجوة
من العمل المنتج النافع المثمر للفرد والمجتمع.
2 - على الموجه أن يكون مرناً في اتباع الوسائل التي تتفق مع
حاجات الفرد وخصائصه، ومع طبيعة المشكلات التي تواجهه، مع مراعاة ألا يتعدى
حدود اختصاصاته
3 - يجب على الموجه أن يحافظ على سر مهنته، وخاصة في المشكلات
الحساسة، التي تواجه الطلاب والشباب؛ لذلك عليه ألا يذيع أية معلومات
تتعلق بعملائه - من الطلاب أو الشباب - إلا في إطار الاجتماعات المهنية مع
زملائه الأخصائيين عندما يحتاج إلى معاونتهم ومشاورتهم.
4 - ينبغي أن يبذل الموجه كل جهده لكي يزيد من فهم العملاء من
الطلاب والشباب لأنفسهم، والمجتمع الذي ينتمون إليه، والعالم المحيط بهم.
5 - يلزم أن يكون القرار النهائي في أية عملية توجيه أو
إرشاد، صادرة من الفرد نفسه، وبناء على اختياره، وعلى مسؤوليته، وليس معنى
ذلك أن يترك الفرد اتخاذ قرارات ضد مصلحته، ولكن المقصود أن يتدخل الموجه
بالقدر المعقول، حتى يدرك الفرد الأضرار التي قد يتعرض لها نتيجة لاتخاذ
قرار معين.
6 - من مهام الموجه، مساعدة الفرد على تقبل ذاته كما هي على
حقيقتها، بمعنى أن يبصره بإمكانياته واستعداداته وقدراته حتى يستطيع
استغلالها وتدعيمها، كما عليه أن يوضح له جوانب الضعف لديه كي يتغلب عليها.
7 - ينبغي أن تتغير طرق التوجيه وفقاً لحاجات الفرد؛ لذا يجب
أن يكون الموجه متمكناً من الوسائل المختلفة المستخدمة في علاج المشكلات
التي تعرض عليه.
8 - ينبغي تحويل الفرد إلى أخصائيين في علاج آخرين إذا ما تطلب الأمر ذلك، وخاصة في حالة الشك في وجود مرض نفسي أو عضوي مثلاً.
... هذه هي الأسس والمبادئ للتوجيه والإرشاد، فما هو المنظور
الإسلامي لعمليات التوجيه والإرشاد الطلابي والشبابي، حيث إن الشباب المسلم
في حيرة ولديهم حاجة إلى التوجيه والإرشاد؟
المنظور الإسلامي للتوجيه والإرشاد:
كرّم الإسلام بني الإنسان نعم التكريم، وخلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم. فقال تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4)" (التين).
ومن فضل الله تعالى على الإنسان أنه منحه العقل الراجح واللسان الناطق، وأناط به مسؤولية الخلافة على الأرض، فالحق تعالى... يقول: "ألم نجعل له عينين (8) ولساناً وشفتين (9) وهديناه النجدين (10)" (البلد).
وكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،
فيه كل ما يحدد للإنسان دروب الحياة... دانيها وعاليها، وما من شيء فرط
فيه، والله تعالى يقول: ".... ما فرطنا في الكتاب من شيء.... " (الأنعام (38)).
فالإسلام فيه ذخيرة وافية عن الاهتمام بالإنسان، منذ طفولته
وحتى أرذل عمره، وليس هناك من كبيرة أو صغيرة إلا ووردت في أكثر من موضع،
وحملت أكثر من معنى، حتى يتفكر الإنسان ويتدبر ويتعقل في سلوكه في الحياة.
وإذا كنا نهتم في مجال ما نتحدث عنه في هذا الكتاب بالشباب
المسلم، فإنما نهتم بقطاع عريض، والكفاءة في الإنتاجية التي تعود على
مجتمعهم بالخير والنفع.
والشباب المسلم في عصرنا الحاضر، يواجه الكثير من المشكلات
الفكريّة والنفسيّة، مما يجعلهم في حيرة وقلق، وحيث لا تستقر حياتهم إلا
عند الرجوع إلى دين الحق والتمسك بالأخلاق، اللذين بهما قوام المجتمع،
وصلاح الدنيا والآخرة، وبهما تزول الشرور وتحل الخيرات.
والمجتمع الإسلاميّ لا يستقر ولا يشعر أبناؤه بالأمن
والطمأنينة إلا عن طريق أبنائه المخلصين، والدين الإسلاميّ لا يقوم إلا
بأهله، ومتى قاموا استقرت الحياة بين أبناء الأمة الإسلاميّة، ونصرهم الله
مهما كان أعداؤهم. والحقّ تعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم (7) والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم (8)" (محمّد).
والمسلمون كافة - شباباً وشيبة - عليهم أن يطيعوا الله،
ويتعلموا من كتابه تعالى، ويطيعوا الرسول "صلى الله عليه وسلم" ويعملوا
بسنته المباركة، بما يؤهلهم للقول الحق، والعمل الصالح، والتوجيه والدعوة
لحمل الرسالة، والالتزام بما جاء فيها، وإظهار الحق من الباطل.
والشباب الناضج الراشد في حاجة دائمة إلى وجوب معرفته لخالقه، وفي حاجة إلى طاعة رسوله. والله تعالى يقول: "من يطع الرسول فقد أطاع الله....". (النساء: 80).
وفي حاجة إلى معرفة ذاته دون غلو أو تدن: "رحم الله امرئ عرف قدر نفسه".
وفي حاجة إلى معرفة استعداداته وقدراته، حتى يمكن توجيهها بما
يحقق مصالحه الذاتيّة، التي تشبع رغباته الأساسيّة، والتي لا تتعارض في
نفس الوقت مع مصلحة المجتمع.
ويسعى التشريع الإسلاميّ في توجيهه وإرشاده لأبنائه، من إتاحة الإمكانات والفرص أمام الإنسان المسلم على أساس:
1- تقدير قيمة الإنسان وتأكيد إنسانيته، وكفاءته وقدرته على تحمل مسؤولياته.
2- استجابة الإنسان والالتزام بما جاء في كتاب الله العزيز،
وما ورد في سنّة نبيه المباركة فيما يقوم به من أعمال، مع اقتناعه بأنّه
يثاب ويكافأ في دنياه وآخرته بما يقدم من صالح الأعمال.
3- كلما استقام الإنسان والتزم بالضوابط والقواعد السلوكيّة
التي يقرها الدين، تمكن من اكتساب خبرات بناءة تنمي قدراته ومهارته، وتمكنه
من أداء مسؤولياته التي تعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه.
4- استشعار الأمن والطمأنينة، وحيث تعمر القلوب عندما تشعر
بالأمن وعدم الخوف، فتستقر الحياة، وتزداد الفعاليّة، ويبذل الإنسان أقصى
جهده في حياته طائعاً مختاراً.
والمنهج الإنمائي التربويّ في الإسلام، يؤكد قيمة اكتساب
الفرد للعلم والمعارف، وما يصاحب ذلك من اكتساب للأخلاق، والتي هي عماد
الدين، وحتى يتمكن الإنسان الفرد من تسخير ما اكتسب من علم ومعرفة لمصلحته
ومصلحة بني جنسه، ولصالح الإنسانيّة.
إنّ مسؤوليات الموجه والداعيّة والمرشد...في المجتمع
الإسلاميّ.... العمل على توجيه الشباب إلى الاستقامة والالتزام بما جاء به
الشرع الحنيف، ومن ثمّ تمكينه من التغلب على المشكلات الحياتيّة التي
تواجهه، حيث يسعى التوجيه الإسلامي نحو:
1- استغلال الطاقات والاستعدادات لدى الشباب - من أبناء الأمة
الإسلاميّة - للوصول إلى النمو المتكامل عند الإنسان الفرد، وتمكينه من
تحمّل المسؤوليات التي تتوافق مع قدراته واستعداداته، وإثارة حوافزه
لتنميّة الاستقلاليّة بدلاً من الاتكاليّة، حتى يستطيع الاعتماد على ذاته،
عندما يتزود بزاد الإيمان بالله، والثقة في النفس.
2- توجيه الشباب توجيهاً متزناً يمكنهم من مواجهة المستقبل، وذلك عن طريق التزود بالعمل والمعرفة والمهارات اللازمة للحياة.
3- تنمية المواطنة والانتماء والالتزام بالعلاقات الاجتماعيّة
المتكاملة، عن طريق تربيّة الإنسان الصالح، والذي يتميز بين الواقعيّة
والمثاليّة، وتنمية الضمير الحيّ والأخلاق الفاضلة، واحترام الروابط
الاجتماعيّة، والمشاركة الاجتماعيّة الفعّالة.
4- تهيئة الشباب لتحمّل تبعات الحياة الزوجية، والواجبات والمسؤوليات داخل الأسرة واحترام الكيان الأسريّ.
5- تنمية التبعات والمسؤوليات الاجتماعيّة، عن طريق التطبيع
الاجتماعيّ المتوافق مع معايير وتقاليد المجتمع وتنمية السلوك المتكافئ
للتعامل مع أفراد المجتمع باتزان وانضباط وتعقل، ليحقق لنفسه وغيره الأمن
الاجتماعيّ، والخير له ولأفراد مجتمعه.
6- إثراء روح تقبل الذات عن طريق إتاحة الفرص البناءة لتنمية
القدرات والاستعدادات الجسميّة والنفسيّة والاجتماعيّة، وتقبل الآخرين
ومشاركتهم بروح طيبة، وحتى تباعد بين الشباب وبين التجاذب إلى المدنيات
المعاصرة، بما تحمله من آثار مدمرة.
وبعد... فهذه هي الملامح العامة للتوجيه والإرشاد، من حيث أسسه ومبادئه ومفهومه الإسلاميّ.
تابع كل ما يخص مسابقة مستشار التوجيه والارشاد المدرسي والمهني من هنا
(أ) إثارة الدافعية وتحفيز التلاميذ وتشجيعهم إلى التحصيل، واستخدام الثواب، وتعزيز السلوك المتوافق، وجعل الخبرة التربوية التي
يعيشها التلميذ كما ينبغي أن تكون من حيث الفائدة المرجوة.(ب) الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية بين التلاميذ، وأهميةالتعرف على المتفوقين ومساعدتهم على تزكية قدراتهم، وعلى النمو التربوي المتكامل وفق ما لديهم من استعدادات وقدرات.
(ج) منح التلاميذ فرص الكم والكيف، من المعارف العلمية، والمهنية، والاجتماعية التي تفيدهم في معرفة ذواتهم، وفي تحقيق التوافق
النفسي، والصحة النفسية، وتوضح المشكلات التعليمية التي تواجههم، وكيفية الوصول إلى حلول عملية لها.
(د) توجيه التلاميذ إلى طريقة المذكرة والتحصيل السليم، بأفضل الطرق الممكنة كي يحققوا أكبر قدر ممكن من النجاح.
أسس ومبادئ التوجيه والإرشاد:
هناك العديد من الأسس والمبادئ التي يجب أن يدركها القائمون بعملية التوجيه، حيث إن هناك جوانب موضوعية ونفسية واجتماعية وفنية وأخلاقية للقائمين بخدمات التوجيه والإرشاد النفسي.
وفيما يلي الأسس المشار إليها:
1 - الأسس الموضوعية:
تتضمن الأسس الموضوعية للتوجيه والإرشاد... ما يأتي:
(أ) يستند التوجيه من الناحية الموضوعية على منح الحرية والاختيار أمام الفرد، كي يستفيد من المعلومات التي تقدم له، ويختار من بين
الفرص العديد، ومن ثم يمكنه أن يتخذ قراراته التي تتصل بحياته ومستقبله ومعنى ذلك أن التوجيه لا يمنح للفرد، وإنما ينمو ذاتياً لديه. فهو يبدأ من الفرد، وللفرد، وبالفرد. وهو ينظر إلى الفرد عند ارتباطه بالمجتمع، أي إن الفرد يجب أن يشبع حاجاته، ويحقق رغباته في حدود ما ينظمه المجتمع من نظم قائمة على العقيدة والضبط والروابط الاجتماعية والثقافية، التي تنظمها الحياة الاجتماعية في المجتمع.
(ب) من حيث إن الهدف من التوجيه والإرشاد هو أن يحقق الفرد ذاته، في مختلف المجالات، فأن يدعو إلى تأكيد أن عملية التوجيه ليست إكراهاً أو أمراً، حيث إنه إذا كانت أياً من هذه العمليات، فإنها ستفقد جدواهالذلك يجب احترام ذات الفرد الذي يقدم له "الموجه" المساعدة، حتى يساعده على أن يتفهم حقيقة ذاته، ويتحقق من استعداداته ويكتشف مواهبه، هذا بالإضافة إلى أن العمل على تقدير حق الفرد في تحديد أهدافه، ووضع الخططالتي تحقق ذلك، يمنح الفرد الثقة بنفسه.
(ج) في سلوك الإنسان من يوضح حاجته إلى مساعدة ومعاونة الآخرين أحياناً - لحل المشكلات أو التحديات التي تواجهه في حياته. والفرد في المجتمع المتماسك، يحتاج إلى المساعدة عندما يعترضه موقف لا يستطيع أن يواجهه بنجاح، كما أن هذا الفرد يشعر بحاجته إلى المساعدة، حتى تؤتي نتائجها الطيبة. كما أنه يثق في فعالية التوجيه، ويقتنع بما يقدم إليه من مساعدة، عندما يتغلب على مشكلاته.
2 - الأسس النفسية:
تعتمد عمليات التوجيه والإرشاد على مجموعة من الأسس النفسية القائمة على دراسة الطبيعة والنفس الإنسانية، وتتضمن هذه الأسس ما يأتي.
(أ) رغم وجود تشابه في خصائص وسمات بين مختلف البشر في بعض المظاهر، إلا أن هناك الفروق الفردية، كما أن هناك التباين من حيث القوة الجسمية، والصحة العامة؛ ولذلك يلزم أن يؤخذ ذلك في الاعتبار عند تقديم الخدمات الخاصة بالتوجيه والإرشاد لمختلف الأفراد.
(ب) من طبيعة النفس الإنسانية أيضاً... أنه يوجد داخل الفرد ذاته ألوان شتى من الاختلاف والتباين في الخصائص والسمات الجسمية والعقلية والنفسية باعتبارها خصائص غير ثابتة. وهذه الخصائص والسمات لا تسير في نموها بخطى متشابهة أو متوازية. فكثيراً ما تسرع بعض الخصائص عن غيرها في معدل النمو، الفرد متغير عند انتقاله من مرحلة نمو إلى مرحلة نمو أخرى، أي في مدرج العمر المتعاقبة.
(ج) من خصائص النمو الإنساني... أن جوانب الشخصية المختلفة، يؤثر بعضها على البعض الآخر؛ ولذلك لا بد من مراعاة نمو الشخصية الإنسانية نمواً متكاملاً، تؤثر أبعادها المختلفة في سلوك الفرد، سواء أكان ظاهراً أمكامناً.
(د) تنشأ لدى الفرد في كل مرحلة من مراحل نموه العضوي والنفسيالكثير من الحاجات التي تتطلب الإشباع، ولا بد أن يراعي في إشباعها مستوى نضج الفرد، والأصول العقائدية والثقافية التي نشأ فيها، وفي حدود القيم الدينية والاجتماعية، والاتجاهات السائدة في المجتمع.
(هـ) عملية التوجيه والإرشاد تعتبر عملية تعلم... لأن الفرد يكتسب خلالها اتجاهات وعادات وقيم ومظاهر سلوكية جديدة، ويغير من وجهة نظرهنحو نفسه ونحو الآخرين من حوله، ونحو المبادئ والأشياء التي يحتويها المجتمع والبيئة الاجتماعية التي يعيش بينها. بل إن الفرد يتعلم ويكتسب عادات سلوكية لمعالجة ما يواجهه من مشكلات، ويكتسب معلومات ومعارف تمكنه منالتغلب على العوائق التي تواجهه. هذا بالإضافة إلى أنها تزود الفرد بفرص الاختيار، وتحديد الأهداف ووضع الخطط، وتتهيأ له الظروف لتطبيق ما يتعلمه،
ويقوم بتعميمه في كثير من المواقف الجديدة.
3 - الأسس التربوية والاجتماعية:
تعتمد عمليات التوجيه والإرشاد على مجموعة من الأسس التربوية والاجتماعية تتضمن ما يلي:
(أ) يهتم التعليم بإكساب التلاميذ المعلومات والمعارف الأساسية في مراحل التعليم المختلفة. بينما يقوم التوجيه والإرشاد على الاهتمام بإشباع حاجات التلاميذ التي تنشأ في المجالات المختلفة للحياة، وفي أبعاد النمو المختلفة. ورغم اختلاف أهداف التعليم عن أهداف التوجيه والإرشاد إلا أن العمليتين تكمل كل منهما الأخرى، حيث تساعد عملية التوجيه على جعل التعليم أكثر فاعلية، حيث إنها توضح المنهج وطرق التدريس إلى العملعلى تحقيق التوافق الفردي والاجتماعي لأفراد المجتمع المدرسي.
(ب) تنفيذ خدمات التوجيه من مسؤولية الأخصائيين المؤهلين المدربين والذين يتم تأهيلهم وإعدادهم للقيام بهذه الخدمات، وهناك مسؤولياتجميع المتصلين بالتلميذ في الأسرة والمدرسة والمجتمع في تقديم التسهيلات التي تجعل برنامج التوجيه أكثر فاعلية وفائدة. وهذا بدوره يتطلب تعاون الموجه مع المشرف الاجتماعي والطبيب والمدرسين، بالإضافة إلى التعاون مع الهيئات المتصلة بالمدرسة كرعاية الشباب، والصحة المدرسية، والعيادات النفسية.
(ج) من الأهمية بمكان، الاهتمام بالتلميذ في مدرسته، وبالشبابفي المجتمع كأعضاء في جماعة. فبجانب الاهتمام بالفرد، نجد أن خدمات
التوجيه تهتم بالفرد، باعتباره يعيش في جماعات مختلفة، كالأسرة والجيران والأصدقاء والمجتمع المحلي، والمجتمع الأكبر للدولة التي يعيش فيها، والمجتمع العربي، والمجتمع الإسلامي والمجتمع العالمي.لذلك لا بد من تخطيط ما يعرف بخدمات التوجيه الجمعي، حيث يعرفالفرد دوره، ومكانته في الجماعات والمؤسسات التي ينتمي إليها. وتعتبر عملية التفاعل بين الفرد والمجتمع من المحاور الرئيسية لعملية التوجيه والإرشاد.
(د) عملية التوجيه والإرشاد عملية تضامنية، بمعنى أنه لا بد من مشاركة الآباء والمعلمين وعلماء الدين، وقادة المجتمع المحلي في عملية التوجيه، بحيث تؤدي هذه المشاركة إلى التناسق والتعاون بين الآباء والمعلمين، باعتبار أن المدارس تعد من المؤسسات التربوية المسؤولة عن تربيةوتنشئة التلاميذ والشباب بطرق غير مباشرة.
أخلاقيات عملية التوجيه والإرشاد:
يعتبر الجانب الأخلاقي أساس العمل الفني للقائمين بعملية التوجيه والإرشاد الطلابي والشبابي؛ ولذلك فإنه في تعامل الموجهين والمرشدين مع الطلاب والشباب، أي مع العملاء الذين توجه إليهم سبل التوجيه والإرشاد... يلزم مراعاة الجوانب التالية:
1 - يجب أن يقوم الموجه ببحث حالة الفرد ومشكلاته من زوايا مختلفة، وأن يستخدم كل ما لديه من وسائل فنية وإمكاناته لمساعدته على حلها.وعلى المسلمين كافة تطبيق ما يقر في صدورهم، وما يلزم به شرع الله وسنة نبيه المباركة، تطبيق ذلك عملياً في كل أدوار حياتهم، وحيث يكون ذلك صادراً عن إيمان ويقين وإخلاص ومتابعة حريصة على الالتزام بشرع الله وسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم.
ودعوة الإسلام وتوجيهه لأبنائه كافة، تؤكد أنه لا يكون شأن الناس الكلام فقط، فإن الكلام إذا لم يصدقه العمل، فإن عائده فيه خسران
وباطل. والله تعالى يقول:
"يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون (3)"(الصف).
إن مسؤولية أولي الأمر من الأدباء والمعلمين والدعاة ورجال الأمن والعاملين في المؤسسات الاجتماعية وغيرها، ليست يسيرة في مجتمعنا المعاصر، وعليهم أن يتأملوا في الشباب المسلم في وقتنا الحاضر، وما ينتاب مشاعرهم وعقولهم من أحاسيس وأفكار وأعمال، حتى يمكن تنمية الصالح منها، وإصلاح ما كان فاسداً منها، فإن شباب اليوم هم رجال الغد، وهم الأساس المتين أو الضعيف الذي يبنى عليه مستقبل الأمة.
لذلك فإن النصوص الشرعية التي وردت في كتاب الله العزيز، وفي السنة المباركة، توجه أولي الأمر وتحثهم على حسن رعايتهم وتوجيههم للشباب إلى ما فيه الخير والصلاح؛ ذلك لأنه إذا صح حال الشباب، وهم القاعدة الفعالة في الأمة، والتي ينبني عليها مستقبلها، وكان الصلاح قائماً على دعائم قوية من الدين والأخلاق، فإن المستقبل يكون زاخراً بالخير والنفع، ويخلف أولي الأمر أبناء بررة صالحين.
إن الإسلام في توجيهه وإرشاده لأبنائه من الشباب أو غيرهم،
يعمل على التوجيه لما فيه النفع، ويؤكد ذلك بما يبصر به الفرد من الطرق
المستقيمة التي من ورائها الخير له ولمجتمعه، كما يوضح المشكلات والعقبات
والتحديات التي تواجهه عندما يضطرب سلوكه، أو ما يعرقل مسيرته الجادة في
الحياة، ليكون على بصيرة بهذه المشكلات، ويدرك أبعادها ويتعاون في معالجتها
وحلها مع أفراد مجتمعه.
وتوجيه الإسلام للإنسان فيه تكريم للإنسان، فهو توجيه من لدن
عزيز حكيم، توجيهاً سامياً لا غلو ولا غموض فيه، وليس فيه تكليف أكبر من
طاقات الإنسان.
والتوجيه في الإسلام يوجه الفرد إلى إشباع شهواته ورغباته بما
أحل الله، وبما يحقق الأمن النفسي للفرد، وفي هذا ما يحقق الأهداف المرجوة
من العمل المنتج النافع المثمر للفرد والمجتمع.
2 - على الموجه أن يكون مرناً في اتباع الوسائل التي تتفق مع
حاجات الفرد وخصائصه، ومع طبيعة المشكلات التي تواجهه، مع مراعاة ألا يتعدى
حدود اختصاصاته
3 - يجب على الموجه أن يحافظ على سر مهنته، وخاصة في المشكلات
الحساسة، التي تواجه الطلاب والشباب؛ لذلك عليه ألا يذيع أية معلومات
تتعلق بعملائه - من الطلاب أو الشباب - إلا في إطار الاجتماعات المهنية مع
زملائه الأخصائيين عندما يحتاج إلى معاونتهم ومشاورتهم.
4 - ينبغي أن يبذل الموجه كل جهده لكي يزيد من فهم العملاء من
الطلاب والشباب لأنفسهم، والمجتمع الذي ينتمون إليه، والعالم المحيط بهم.
5 - يلزم أن يكون القرار النهائي في أية عملية توجيه أو
إرشاد، صادرة من الفرد نفسه، وبناء على اختياره، وعلى مسؤوليته، وليس معنى
ذلك أن يترك الفرد اتخاذ قرارات ضد مصلحته، ولكن المقصود أن يتدخل الموجه
بالقدر المعقول، حتى يدرك الفرد الأضرار التي قد يتعرض لها نتيجة لاتخاذ
قرار معين.
6 - من مهام الموجه، مساعدة الفرد على تقبل ذاته كما هي على
حقيقتها، بمعنى أن يبصره بإمكانياته واستعداداته وقدراته حتى يستطيع
استغلالها وتدعيمها، كما عليه أن يوضح له جوانب الضعف لديه كي يتغلب عليها.
7 - ينبغي أن تتغير طرق التوجيه وفقاً لحاجات الفرد؛ لذا يجب
أن يكون الموجه متمكناً من الوسائل المختلفة المستخدمة في علاج المشكلات
التي تعرض عليه.
8 - ينبغي تحويل الفرد إلى أخصائيين في علاج آخرين إذا ما تطلب الأمر ذلك، وخاصة في حالة الشك في وجود مرض نفسي أو عضوي مثلاً.
... هذه هي الأسس والمبادئ للتوجيه والإرشاد، فما هو المنظور
الإسلامي لعمليات التوجيه والإرشاد الطلابي والشبابي، حيث إن الشباب المسلم
في حيرة ولديهم حاجة إلى التوجيه والإرشاد؟
المنظور الإسلامي للتوجيه والإرشاد:
كرّم الإسلام بني الإنسان نعم التكريم، وخلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم. فقال تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4)" (التين).
ومن فضل الله تعالى على الإنسان أنه منحه العقل الراجح واللسان الناطق، وأناط به مسؤولية الخلافة على الأرض، فالحق تعالى... يقول: "ألم نجعل له عينين (8) ولساناً وشفتين (9) وهديناه النجدين (10)" (البلد).
وكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،
فيه كل ما يحدد للإنسان دروب الحياة... دانيها وعاليها، وما من شيء فرط
فيه، والله تعالى يقول: ".... ما فرطنا في الكتاب من شيء.... " (الأنعام (38)).
فالإسلام فيه ذخيرة وافية عن الاهتمام بالإنسان، منذ طفولته
وحتى أرذل عمره، وليس هناك من كبيرة أو صغيرة إلا ووردت في أكثر من موضع،
وحملت أكثر من معنى، حتى يتفكر الإنسان ويتدبر ويتعقل في سلوكه في الحياة.
وإذا كنا نهتم في مجال ما نتحدث عنه في هذا الكتاب بالشباب
المسلم، فإنما نهتم بقطاع عريض، والكفاءة في الإنتاجية التي تعود على
مجتمعهم بالخير والنفع.
والشباب المسلم في عصرنا الحاضر، يواجه الكثير من المشكلات
الفكريّة والنفسيّة، مما يجعلهم في حيرة وقلق، وحيث لا تستقر حياتهم إلا
عند الرجوع إلى دين الحق والتمسك بالأخلاق، اللذين بهما قوام المجتمع،
وصلاح الدنيا والآخرة، وبهما تزول الشرور وتحل الخيرات.
والمجتمع الإسلاميّ لا يستقر ولا يشعر أبناؤه بالأمن
والطمأنينة إلا عن طريق أبنائه المخلصين، والدين الإسلاميّ لا يقوم إلا
بأهله، ومتى قاموا استقرت الحياة بين أبناء الأمة الإسلاميّة، ونصرهم الله
مهما كان أعداؤهم. والحقّ تعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم (7) والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم (8)" (محمّد).
والمسلمون كافة - شباباً وشيبة - عليهم أن يطيعوا الله،
ويتعلموا من كتابه تعالى، ويطيعوا الرسول "صلى الله عليه وسلم" ويعملوا
بسنته المباركة، بما يؤهلهم للقول الحق، والعمل الصالح، والتوجيه والدعوة
لحمل الرسالة، والالتزام بما جاء فيها، وإظهار الحق من الباطل.
والشباب الناضج الراشد في حاجة دائمة إلى وجوب معرفته لخالقه، وفي حاجة إلى طاعة رسوله. والله تعالى يقول: "من يطع الرسول فقد أطاع الله....". (النساء: 80).
وفي حاجة إلى معرفة ذاته دون غلو أو تدن: "رحم الله امرئ عرف قدر نفسه".
وفي حاجة إلى معرفة استعداداته وقدراته، حتى يمكن توجيهها بما
يحقق مصالحه الذاتيّة، التي تشبع رغباته الأساسيّة، والتي لا تتعارض في
نفس الوقت مع مصلحة المجتمع.
ويسعى التشريع الإسلاميّ في توجيهه وإرشاده لأبنائه، من إتاحة الإمكانات والفرص أمام الإنسان المسلم على أساس:
1- تقدير قيمة الإنسان وتأكيد إنسانيته، وكفاءته وقدرته على تحمل مسؤولياته.
2- استجابة الإنسان والالتزام بما جاء في كتاب الله العزيز،
وما ورد في سنّة نبيه المباركة فيما يقوم به من أعمال، مع اقتناعه بأنّه
يثاب ويكافأ في دنياه وآخرته بما يقدم من صالح الأعمال.
3- كلما استقام الإنسان والتزم بالضوابط والقواعد السلوكيّة
التي يقرها الدين، تمكن من اكتساب خبرات بناءة تنمي قدراته ومهارته، وتمكنه
من أداء مسؤولياته التي تعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه.
4- استشعار الأمن والطمأنينة، وحيث تعمر القلوب عندما تشعر
بالأمن وعدم الخوف، فتستقر الحياة، وتزداد الفعاليّة، ويبذل الإنسان أقصى
جهده في حياته طائعاً مختاراً.
والمنهج الإنمائي التربويّ في الإسلام، يؤكد قيمة اكتساب
الفرد للعلم والمعارف، وما يصاحب ذلك من اكتساب للأخلاق، والتي هي عماد
الدين، وحتى يتمكن الإنسان الفرد من تسخير ما اكتسب من علم ومعرفة لمصلحته
ومصلحة بني جنسه، ولصالح الإنسانيّة.
إنّ مسؤوليات الموجه والداعيّة والمرشد...في المجتمع
الإسلاميّ.... العمل على توجيه الشباب إلى الاستقامة والالتزام بما جاء به
الشرع الحنيف، ومن ثمّ تمكينه من التغلب على المشكلات الحياتيّة التي
تواجهه، حيث يسعى التوجيه الإسلامي نحو:
1- استغلال الطاقات والاستعدادات لدى الشباب - من أبناء الأمة
الإسلاميّة - للوصول إلى النمو المتكامل عند الإنسان الفرد، وتمكينه من
تحمّل المسؤوليات التي تتوافق مع قدراته واستعداداته، وإثارة حوافزه
لتنميّة الاستقلاليّة بدلاً من الاتكاليّة، حتى يستطيع الاعتماد على ذاته،
عندما يتزود بزاد الإيمان بالله، والثقة في النفس.
2- توجيه الشباب توجيهاً متزناً يمكنهم من مواجهة المستقبل، وذلك عن طريق التزود بالعمل والمعرفة والمهارات اللازمة للحياة.
3- تنمية المواطنة والانتماء والالتزام بالعلاقات الاجتماعيّة
المتكاملة، عن طريق تربيّة الإنسان الصالح، والذي يتميز بين الواقعيّة
والمثاليّة، وتنمية الضمير الحيّ والأخلاق الفاضلة، واحترام الروابط
الاجتماعيّة، والمشاركة الاجتماعيّة الفعّالة.
4- تهيئة الشباب لتحمّل تبعات الحياة الزوجية، والواجبات والمسؤوليات داخل الأسرة واحترام الكيان الأسريّ.
5- تنمية التبعات والمسؤوليات الاجتماعيّة، عن طريق التطبيع
الاجتماعيّ المتوافق مع معايير وتقاليد المجتمع وتنمية السلوك المتكافئ
للتعامل مع أفراد المجتمع باتزان وانضباط وتعقل، ليحقق لنفسه وغيره الأمن
الاجتماعيّ، والخير له ولأفراد مجتمعه.
6- إثراء روح تقبل الذات عن طريق إتاحة الفرص البناءة لتنمية
القدرات والاستعدادات الجسميّة والنفسيّة والاجتماعيّة، وتقبل الآخرين
ومشاركتهم بروح طيبة، وحتى تباعد بين الشباب وبين التجاذب إلى المدنيات
المعاصرة، بما تحمله من آثار مدمرة.
وبعد... فهذه هي الملامح العامة للتوجيه والإرشاد، من حيث أسسه ومبادئه ومفهومه الإسلاميّ.
تابع كل ما يخص مسابقة مستشار التوجيه والارشاد المدرسي والمهني من هنا